رحل رجاء النقاش..
بقلم: محمد جبريل
.....................
كنت قد كتبت في الأسبوع الماضي عن أبرز نقاد جيل الستينيات وأصدقهم وأشدهم موضوعية.
كان الموت يلقي ظلاله عليه. وهو ما تبدي في احتفال أصدقائه وزملائه وتلاميذه بقيمته الأرفع في حفل بنقابة الصحفيين.
وإذا كنت قد أشرت إلي دور النقاش في اكتشاف المواهب الحقيقية من بين مبدعي الأجيال المختلفة. وتسليط الضوء علي ما يجب أن يتلقاه القاريء بعيداً عن أية تربيطات أو حسابات شخصية. فالقيمة هي ما كان يبحث عنه. ومن خلال بحثه المخلص والدءوب قدم لنا الطيب صالح وسميح القاسم ومحمود درويش. ونجيب سرور وأعاد تقديم نجيب محفوظ من خلال حوار مطول استغرق كتاباً كاملاً وناصر الجديد الذي يستند إلي موهبة. وابتعد عن المعارك المنفعلة والمتشنجة. حتي معركته الشهيرة مع استاذنا العقاد مارس النقاش دور السنبلة. فاحتفظ للعقاد بدور الأب والرائد والمعلم. وظلت كلماته علي هدوئها وموضوعيتها.
وحين ناقشت علي هذه الصفحة موقفه من ستيفان زفايج باعتباره يهودياً شريفاً. وتأكيدي- في المقابل- علي أن مسرحية زفايج "إرميا تطفح" بالتعصب الصهيوني.. فقد اختار النقاش من العبارات ما يحفظ للحوار موضوعيته وعلميته سعياً للفهم والتفهم والإقناع.
إذا كان ذلك كذلك فإن رجاء النقاش ظل إلي نهاية العمر مثلاً للظاهرة الثقافية التي تعني بالمناقشة والتقويم والتحليل والاضافة. والنظر إلي المشهد في عمومه.
كانت بانورامية المشهد هي ما يشغله. التكوينات والتفصيلات الشاحبة والمهملة. بما يهب المشهد تأثيراً. طالما رأينا انعكاساته في كتابات النقاد والدارسين.
رحم الله رجاء النقاش.
....................................
*المساء ـ في 8/2/2008م.